عاجل

خطبة الجمعة : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

خطبة الجمعة القادمة 24 فبراير 2023م بعنوان : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي ، بتاريخ 4 شعبان 1444هـ ، الموافق 24 فبراير 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 فبراير 2023م بصيغة word بعنوان : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 فبراير 2023م بصيغة pdf بعنوان : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

 

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 فبراير 2023م ، بعنوان : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:

الحمدُ للَّهِ الذي امتنَّ على عبادهِ بنبيِّهِ المرسلِ، وبكتابهِ المنزلِ، الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يديهِ ولا مِن خلفهِ تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ … وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ .. وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، نبيُّ الهدىَ والرحمةِ، والهادِي بإذنِ ربِّهِ إلى الصراطِ المستقيمِ.

وبعـــدُ،،،

إنَّ مِن كمالِ فضلِ الحقِّ على الخلقِ، أنْ حبَاهُم بشريعةٍ غراء، حفَّهَا بالفضائلِ، وعضَّدَ جنباتِهَا بمكارمِ الأخلاقِ وعظيمِ الشمائلِ، وحضَّ عليهَا لتكونَ للمسلمِ منهجَ حياةٍ، وخيرَ عاصمٍ لهُ مِن الوقوعِ في الرذائلِ، وجعلَ فضيلةَ الصدقِ جامعةً لخصالِ الخيرِ، وتسمُو بصاحبِهَا إلى أعلَى المنازلِ، فقالَ ربُّنَا عزَّ وجلَّ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُــوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾. التوبة، 119.

خاطبَ تعالَى المؤمنينَ؛ ليعرِّفَهُم سبيلَ النجاةِ مِن عقابهِ، والخلاصِ مِن أليمِ عذابهِ: فقالَ: ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾، باللهِ ورسولهِ، ﴿اتقوا الله﴾، أي: راقبُوه بأداءِ فرائضهِ، وتجنبِ نواهيهِ، ﴿وكونوا﴾، في الدنيا مِن أهلِ ولايتِهِ وطاعتِهِ، تكونُوا في الآخرةِ ﴿مع الصادقين﴾، في الجنةِ. أي: مع مَن صَدَقَ اللهَ، فحقَّقَ قولهُ بفعلهِ، ولم يكنْ مِن أهلِ النفاقِ فيهِ، الذين يكذِّبُ قولَهُم فعلُهُم. [تفسير الطبري].

تابع/ خطبة الجمعة : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

وبعدمَا وجَّهُ الحقُّ سبحانَهُ عبادَهُ إلى كمالِ الامتثالِ لأوامرهِ واجتنابِ نواهيهِ، وأنْ يكونُوا مع الصادقينَ الذين توافقُ أقوالُهُم أعمالَهُم، بيَّنَ أنَّ الصدقَ هو سببٌ للحصولِ على عظيمِ الجزاءِ، والفوزِ بالسعادةِ والعطاءِ، ودخولِ الجنةِ التي هي دارُ البقاءِ، فقالَ تعالَى: ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ﴾. أي: جزاءَ صدقِهِم. فيجازِيهم الحقُّ سبحانَه وتعالَى في الدنيَا بالتمكينِ في الأرضِ والنصرةِ على الأعداءِ. وفي الآخرةِ بجميلِ الثوابِ وجزيلِ المآبِ. [لطائف الإشارات، للقشيري].

ومِن التأكيدِ على مكانةِ الصـدقِ في الإسلامِ، اقتضتْ إرادةُ اللهِ تعالى أنْ تكونَ هي صفةُ رسولِ اللهِ ﷺ ولقبُهُ قبلَ بعثتِهِ ﷺ، فقد لقبَهُ أهلُ مكةَ بالصادقِ الأمينِ قبلَ بعثتهِ ﷺ، والمرءُ متَى تحلَّى بالصدقِ، فلا يضرُّهُ ما فاتَهُ مِن الدنيَا، أخرجَ أحمدُ وغيرُهُ، أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ الأَمَانَةِ، وصِدْقُ حَدِيثٍ، وحُسْنُ خَلِيقَةٍ، وعِفَّةُ طُعْمٍ».

وعندَ أحمدَ وغيرِهِ – أيضًا- قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ».  

تابع/ خطبة الجمعة : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

والحكمةُ مِن تعظيمِ فضيلةِ الصدقِ في الإسلامِ، هو الحضُّ على انتشارِهَا بينَ بنِي البشرِ، والعملُ على غرسِهَا في نفوسِ النشءِ، حتّى تصبحَ مبدأَ تعاملٍ، وحاكمًا على تصرفاتِ كافةِ البشرِ، ومِن ثَمّ لا يقدمُ شخصٌ على منكرٍ، ولا يطففُ في كيلٍ أو وزنٍ، ولا يغشُّ في سلعةٍ، ولا يكذبُ في الإبلاغِ عن ثمنِ مبيعٍ، ولا يكتمُ حقًّا ثَبُتَ للدولةِ عليهِ، فيعيشُ الناسُ في سلامٍ مجتمعِي لا يتضررُ فيهِ أحدٌ، ولا يجنِي فيهِ أحدٌ على أحدٍ، فالصدقُ علاجٌ ناجحٌ لجميعِ الآفاتِ المجتمعيةِ، فمتى تمكنتْ هذه الفضيلةُ مِن قلبِ العبدِ سلمَ منهُ الناسُ، وخيرٌ شاهدٍ على ذلك ما رويَ عن جَرِيرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّه أَمَرَ عبدَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا، فَاشْتَرَى بِثَلاَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَجَاءَ بِهِ وَبِصَاحِبِهِ؛ لِيَنْقُدَهُ الثَّمَنَ. فَقَالَ جَرِيرٌ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَتَبِيعُهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ. قَالَ: ذَلِكَ إِلَيْكَ، يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ أَتَبِيعُهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ لَمْ يَزُلْ يَزِيدُهُ مِائَةً فَمِائَةً، وَصَاحِبُهُ يَرْضَى، وَجَرِيرٌ يَقُولُ: فَرَسُكَ خَيْرٌ، إِلَى أَنْ بَلَغَ ثَمَانمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَاهُ بِهَا. فَقِيلَ لَهُ لِمَا فعلتَ ذلك وقد رضِيَ صاحبُ الفرسِ بثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: إِنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ على النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. [شرح النووي على مسلم].

فلَمَّا تمكنتْ فضيلةُ الصدقِ مِن هذا الصحابِي الجليلِ، وجعلَهَا منهجَ حياةٍ، وطبقَهَا عمليًّا في حياتِهِ نفعَ نفسَهُ ففازَ بِمَا أعدَّهُ اللهُ ـــ تعالى ـــ للصادقين، ونفعَ إخوانَهُ في تعاملِهِ معهم فاستفادَ وأفادَ، ومِن هذا المنطلقِ بيَّنَ رسولُ اللهِ ﷺ منزلةَ التاجرِ متى صدقَ في البيعِ، فعندَ الترمذِي والحاكمِ، قال رسولُ اللهِ ﷺ «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ».

تابع/ خطبة الجمعة : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

وفي المقابلِ حذَّرَ مِن الكـذبِ والتضليلِ في ثمنِ المبيعِ، وبيَّنَ أنَّ فاعلَ ذلك مستحقٌ للوعيدِ الشــــديدِ، والعـــذابِ الأليمِ يومَ القيامةِ، فعندَ مسلمٍ قال رسولُ اللهِ ﷺ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: “… وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ…”.

لا يكلمُهُم كلامًا ينفعُهُم ويسرُّهُم. وقِيلَ: لا يرسلُ إليهم الملائكةَ بالتحيةِ. ولا ينظرُ إليهم، أي: يعرضُ عنهُم، ونظرُهُ سبحانَهُ وتعالَى لعبادِهِ رحمتُهُ، ولطفُهُ بهِم. ولا يزكيِّهِم: لا يطهرُهُم مِن دنسِ ذنوبِهِم. [شرح النووي على مسلم].

ومِن جملةِ الكذبِ الذي يستجلبُ هذا الوعيدَ الشديدَ، التهربُ مِن الضرائبِ، والتضليلُ في الإفصاحِ عن البياناتِ الصحيحةِ للحساباتِ الماليةِ، بل هو أشدُّ وأعظمُ حرمةً، فالمالُ العامُّ أشدُّ في الوعيدِ والتنكيلِ مِن حرمةِ المالِ الخاص، لأنَّ فيه إضعافٌ للدولةِ وعجزهَا عن القيامِ بدورِهَا.

قال الإمامُ القرطبيُّ: «اتفقَ العلماءُ على أنَّه إذا نزلتْ بالمسلمينَ حاجةٌ بعدَ أداءِ الزكاةِ، فإنَّهُ يجبُ صرفُ المالِ إليهَا. [ تفسير القرطبي].

وقال ابنُ حزمٍ: «وفرضَ على الأغنياءِ مِن أهلِ كلِّ بلدٍ أنْ يقومُوا بفقرائِهِم، ويُجبرُهُم السلطانُ على ذلك، إنْ لم تقمْ الزكواتُ بهِم. [ المحلى].

تابع/ خطبة الجمعة : الصدق في الأقوال والأفعال ، للدكتور مسعود عرابي

ومتى كان فرضُ المالِ على الرعيةِ جائزًا لولِيِّ الأمرِ متى نزلتْ بالمسلمينَ حاجةٌ، فوجوبُ دفعِ ما هو مقررٌ عليهم أولَى، وحرمةُ التهربِ منهُ أشدُّ، فيجبُ أنْ يتكاتفَ المسلمون في الشدائدِ، وأنْ يكونُوا كالجسدِ الواحدِ إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الأعضاءِ بالحُمَّى والسهرِ.

وقد أثنَى رسولُ اللهِ ﷺ على الأشعرينَ لتكاتفِهِم زمنَ الشدائدِ، فعندَ مسلمٍ قال رسولُ اللهِ ﷺ: « إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ». فتعاونُوا عبادَ اللهِ على البرِّ التقوى، واصدقُوا في القولِ والعملِ، واعلمُوا أنْ منزلةَ الصادقينَ عندَ ربِّهِم هي جناتُ النعيمِ.

اللهم احفظْ بلدَنَا مصرَ، واجعلهَا سخاءً رخاءً، ووفقْ ولاةَ أمورِهَا لكلِّ خيرٍ!!

بقلم: د/ مسعود عرابي       عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

وخطيب مكافأة لدى وزارة الأوقاف المصرية.

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »